رسالة في جواب بعض الاخوان في المعاد الجسماني
من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي الله مقامه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين .
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زينالدين ان بعض الاخوان انهي الي اعتراضا من بعض العلماء الاعلام علي بعض كلمات لي في بيان احوال الانسان و ذكر الاجسام و الاجساد فيما يتعلق بامر المعاد و الاصل في الاعتراض عدم معرفة مرادي من كلامي فطلب مني بيان ذلك في وقت كنت في اهبة السفر و لا توجه لي بفكر و لا نظر و لكن الميسور لايسقط بالمعسور ( لايسقط الميسور بالمعسور خل ) و الي الله ترجع الامور و جعلت عبارته اصلح الله احواله ( حاله خل ) متنا و جوابي له شرحا او كالشرح ليتبين به المراد و من الله التوفيق و السداد .
قال نستدعي من رئيس المشايخ و قطب الافاضل ان يبين لنا توضيح ما اعترض علي بعض الاجوبة المنسوبة الي جنابكم عن سؤال المعاد الجسماني فقد ذكرتم في الجواب ان للانسان جسمين و جسدين و الجسد الثاني مركب من العناصر الاربعة الموجودة في عالم الطبيعة المحسوسة و في المعاد بعد الموت لاتعود الروح الي هذا البدن العنصري الطبيعي المركب من الاخلاط الاربعة اذ لا حس له و لا شعور .
اقول اعلم هداك الله تعالي اني ماذكرت الا ما هو رأي الائمة عليهم السلم و من يعترض ( يعترض علي خل ) انما اعترض ( يعترض علي الائمة (ع) خل ) لانه ماعرف المقصود و لاعلم ايضا انه من كلام ائمته (ع) فلذا قال ما قال مع اني لماقل من هذا شيئا و لكنه مافهم مرادي و معني كلامي و مرادي هو ان الانسان له جسدان و جسمان الجسد الاول
مركب من العناصر الاربعة المحسوسة و هو الان في هذه الدنيا عبارة عن الكثافة العارضة و في الحقيقة هو الجسد الصوري و مثاله الخاتم من الفضة مثلا فانه اذا كان عندك خاتم من فضة فان صورته هي استدارة حلقته و تركيب موضع فص ( الفص خل ) المركب منه مثلا فاذا كسرته و اذبته و جعلته سبيكة او سحلته بالمبرد و جعلته سحالة ثم بعد ذلك صغت ( صنعت خل ) تلك الفضة اعني السبيكة او السحالة خاتما علي هيئته الاولي فان الصورة الاولي التي هي الجسد الصوري لاتعود و لكن صغته ( صنعته خل ) علي صورة كالاولي فهذا الخاتم في الحقيقة هو ذلك الخاتم الاول بعينه من حيث مادته و هو غيره من حيث صورته و نعني بالجسد العنصري الذي هو الكثافة البشرية هذه الصورة التي هي الجسم الصوري لان اعتقادنا الذي ندين الله به و نعتقد ان من لميقل به ليس بمسلم هو ان هذا الجسد الذي هو الان موجود محسوس بعينه هو الذي يعاد يوم القيمة و هو الذي يدخل الجنة او النار و هو الخالد الذي خلق للبقاء و هو الذي نزل الي هذه الدنيا من الفالف عالم حتي وصل الي التراب ثم اخذ ليصعد من النطفة و العلقة و المضغة و العظام و هكذا صاعدا في مقابلة تلك العوالم الفالف رتبة من الترقي ( الترقي الي خل ) اخرها لا انتهاء له فهي باقية ببقاء الله سبحانه بلا نهاية فهذا الجسد المحسوس هو بعينه المعاد و هو بعينه متعلق الثواب او ( و خل ) العقاب لايشك في ذلك الا من يشك في اسلامه لان هذا من اصول الاسلام و لكن اصله مادة ( و مادته خل ) نورية كلما نزلت جمدت مثل الحجر الاسود الذي كان في الاصل ملكا فلما نزل كان حجرا و مثل جبرئيل (ع) الذي
( الذي هو خل ) جوهر مجرد عن ( من خل ) المادة العنصرية و المدة الزمانية فاذا نزل لبس صورة دحية الكلبي او غيره فكذلك هذا الجسم كان نوريا مجردا عن المادة العنصرية و المدة الزمانية فاخذ يتنزل الي ان وصل الي الزمان و العناصر فلبس هيئتها و كثافتها اعني الصورة المعبر عنها بالمادة العنصرية و الكثافة البشرية مثل الماء الذي هو لطيف فاذا جمد لبس الصورة الثلجية فاذا ذاب عاد الي اصله من غير ان يختلف الا محض ( بمحض خل ) الصورة المعبر عنها بالجسد العنصري فاذا جمد ذلك الماء مرة ثانية لميعد اليه الجمود الاول ( الاولي خل ) و ليس جمودا ثانيا ( ثانويا خل ) مع انه بعينه هو ذلك الماء لميتغير مع انه قد تغير جموده و هذا هو مرادنا بذهاب جسد ( الجسد خل ) الاول الذي لايعود فالموجود في الدنيا بعينه و هو المرئي بالبصر هو جسد الاخرة بعينه لكنه كسر في ارض الجرز و ارض القابليات و صيغ في العقول معني ثم صيغ ذلك المعني في رتبة الارواح رقيقة ثم صيغت في النفوس نفسا ثم كسرت في الطبيعة طبيعة و حصصت حصصا في جوهر الهباء و تعلقت بها الصور في المثال ثم كسرت في محدد الجهات و منه الي الرياح و منه الي السحاب و منه الي المطر و الارض و النبات ثم صيغت نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسي لحما و انشأ خلقا اخر فكان انسانا في هذه الدنيا ثم يكسر في القبور ثم يصفي في الارض بمعني ان الارض تأكل جميع ما فيه من الغرائب و الاعراض و الكثافات المعبر عنها بالجسد العنصري و يخرج يوم القيمة هذا الجسد بعينه اعني الموجود في الدنيا بعينه هو الذي يخرج يوم القيمة بعد ان يصفي و معني قولنا